سورة الحاقة - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحاقة)


        


{فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (10)}
{فَعَصَوْاْ رَسُولَ رَبّهِمْ} أي فعصى كل أمة رسولها حين نهاها عما كانت تتعاطاه من القبائح فإفراد الرسول على ظاهره وجوز أن يكون جمعًا أو مما يستوي فيه الواحد وغيره لأنه مصدر في الأصل وأريد منه التكثير لاقتضاء السياق له فهو من مقابلة الجمع المقتضى لانقسام الآحاد أو أطلق الفرد عليهم لاتحادهم معنى فيما أرسلوا به والظاهر أن هذا بيان لمجيئهم بالخاطئة {فَأَخَذَهُمْ} أي الله عز وجل: {أَخْذَةً رَّابِيَةً} أي زائدة في الشدة كما زادت قبائحهم في القبح من ربا الشيء إذا زاد.


{إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11)}
{إِنَّا لَمَّا طَغَا الماء} جاوز حده المعتاد حتى أنه علا على أعلى جبل خمس عشرة ذراعًا أو طغى على خزانه على ما سمعت قبيل هذا وذلك بسبب إصرار قوم نوح عليه السلام على فنون الكفر والمعاصي ومبالغتهم في تكذيبه عليه السلام فيما أوحي إليه من الأحكام التي من جملتها أحوال القيامة {حملناكم} أي في أصلاب آبائكم أو حملنا آباءكم وأنتم في أصلابهم على أنه بتقدير مضاف وقيل على التجوز في المخاطبين بإرادة أبائهم المحمولين بعلاقة الحلول وهو بعيد {فِى الجارية} في سفينة نوح عليه السلام والمراد بحملهم فيها رفعهم فوق الماء إلى انقضاء أيام الطوفان لا مجرد رفعهم إلى السفينة كما يعرب عنه كلمة في فإنها ليست بصلة للحمل بل متعلقة حذوف هو حال من مفعوله أي رفعناكم فوق الماء وحفظناكم حال كونكم في السفينة الجارية بأمرنا وحفظنا وفيه تنبيه على أن مدار نجاتهم محض عصمته عز وجل وإنما السفينة سبب صوري وكثر استعمال الجارية في السفينة وعليه.
رية في بطن جارية...


{لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (12)}
{لِنَجْعَلَهَا} أي الفعلة التي هي عبارة عن إنجاء المؤمنين وإغراق الكافرين {لَكُمْ تَذْكِرَةً} عبرة ودلالة على كمال قدرة الصانع وحكمته وقوة قهره وسعة رحمته {وَتَعِيَهَا} أي تحفظها والوعي أن تحفظ الشيء في نفسك والإيعاء أن تحفظه في غير نفسك من وعاء {أُذُنٌ واعية} أي من شأنها أن تحفظ ما يجب حفظه بتذكره وإشاعته والتفكر فيه ولا تضيعه بترك العمل به وعن قتادة الواعية هي التي عقلت عن الله تعالى وانتفعت بما سمعت من كتاب الله تعالى وفي الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي كرم الله تعالى وجهه أني دعوت الله تعالى أن يجعلها أذنك يا علي قال علي كرم الله تعالى وجهه فما سمعت شيئًا فنسيته وما كان لي أن أنسى وفي جعل الأذن واعية وكذا جعلها حافظة ومتذكرة ونحو ذلك تجوز والفاعل لذلك إنما هو صاحبها ولا ينسب لها حقيقة إلا السمع والتنكير للدلالة على قلتها وإن من هذا شأنه مع قلته بنسيب لنجاة الجم الغفير وإدامة نسلهم وقيل ضمير نجعلها للجارية وجعلها تذكرة لما أنه على ما قال قتادة أدركها أوائل هذه الأمة أي أدركوا ألواحها على الجودي كما قال ابن جريج بل قيل إن بعض الناس وجد شيئًا من أجزائها بعد الإسلام بكثير والله تعالى أعلم بصحته ولا يخفى أن المعول عليه ما قدمناه وقرأ ابن مصرف وأبو عمرو في رواية هرون وخارجة عنه وقنبل بخلاف عنه وتعيها بإسكان العين على التشبيه بكتف وكبد كما قيل وقرأ حمزة بإخفاء الكسرة وروى عن عاصم أنه قرأ بتشديد الياء قال في البحر قيل هو خطأ وينبغي أن يتأول على أنه أريد به شد بيان الياء احترازًا ممن سكنها لا إدغام حرف في حرف ولا ينبغي أن يجعل ذلك من التضعيف في الوقف ثم أجرى الوصل مجرى الوقف وإن كان قد ذهب إليه بعضهم وروى عن حمزة وموسى بن عبد الله العبسي وتعيها بإسكان الياء فاحتمل الاستئناف وهو الظاهر واحتمل أن يكون مثل قراءة {من أوسط ما تطعمون أهاليكم} [المائدة: 89] بسكون الياء وقرأ نافع أذن بإسكان الذال للتخفيف.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8